اشراقة القلوب ورصيد الحياة : الحديقة الرمضانية الخامسة والعشرون
25
شهر رمضان
* لنتداركْ تقصيرنا
* رصيد الآخرة
* كيف نتدارك ؟
* دعاء اليوم الخامس والعشرين
*صلاة الليلة السادسة والعشرين
* لنتداركْ تقصيرنا
هذه ليالي شهر الله تعالى قد آذنت بانقضاء وسرعان ما تأتي ليلة العيد وينادي منادي الرحمان أيها الناس هلمّوا إلى جوائزكم، لتوزع الجوائز في يوم العيد.
السؤال الذي ينبغي أن يطرحه كلٌ منا على نفسه: ما هي الحصيلة التي سأصل بها إلى يوم العيد يوم توزيع جوائز الله تعالى؟
والفائدة العملية من طرح هذا السؤال الآن، أن نتدارك في ما بقي من شهر الله تعالى تقصيرنا في ما مضى منه.
إذا كان بعضنا قد وفّقه الله تعالى لصالح الأعمال فليحرص على تحصين ما حصل عليه وزيادته ليستحق جوائز أفضل، ومواهب أسنى.
وهذا السؤال - ما هي الحصيلة التي سأصل بها إلى ليلة العيد- ينحلّ إلى أسئلة عديدة ينبغي أن يطول وقوفنا عندها، فنتأمل مليّاً في عملنا من أول شهر رمضان المبارك وإلى الآن في مختلف الجوانب.
ينبغي أن يسأل كلٌ منا نفسه:
هل كان صومي صوماً حقيقياً أم كان مجرد امتناع عن المفطرات لأنه كان مقترناً بمعاصي الجوارح؟
فلأجرب إذاً أن أصوم يوماً واحداً حقيقياً، لأقول بلسان الحال: إلهي ها أنا حاولت أن يكون صومي خالصاً لك صادقاً.
والصلاة أول وقتها؟
كيف تعاطيت مع "عمود الدين" طيلة شهر رمضان المبارك؟ هل التزمت بالصلاة أول وقتها مستجيباً بذلك لحث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم للأمة على الإهتمام بأول وقت الصلاة؟
وقراءة القرآن الكريم؟
ترى كم قرأت من كتاب ربي؟ أوليس هذا شهر القرآن، أولا تنبع أهمية شهر رمضان من أنه يحتضن ليلة القدر ليلة نزول القرآن الكريم؟
وحُسن الخُلُق؟
هل حاولت أن أُحسِّن خلقي في هذا الشهر؟ كيف كان التعامل مع الزوج والأولاد والجيران والناس؟
ينبغي أن يحاسب كلٌ منا أيها الأعزاء نفسه فإذا رأى أن النتيجة التي حصل عليها دون ما ينبغي، أو رأى -لا سمح الله - أنه لا وجود لنتيجة تُذكر فينبغي استعظام ذلك حقيقةً والشعور الجاد بالتقصير.
لقد بسط لنا الرحمن موائد رحمته ودعانا إلى ضيافته، وها أنا ذا أكاد أغادر ضيافة ربي وأنا خالي الوفاض، صفر اليدين!!
إنها فرصة قد لا تتكرر فمن قال أني سأدرك شهر رمضان المبارك القادم أو سأوفق للوقوف في عرفات حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: من لم يُغفر له في شهر رمضان لم يغفر له إلى قابل ( أي إلا في شهر رمضان من السنة التالية) إلا أن يشهد عرفة.[1]
ليفترض الصائم - وأطال أعمار الجميع- أنه توفي قبل ذلك وليردد ما في دعاء السحر "فمن يكون أسوأ حالاً مني إن أنا نُقِلت على مثل حالي، أي بتقصيري وحبي للدنيا وغيبتي وجرأتي على الله تعالى - إلى قبرٍ لم أمهّده لرقدتي ولم أفرشه بالعمل الصالح لضجعتي".
ليفكر كلٌ منا أيها الأعزاء بهَوْل العرض على الله تعالى: فيا سوأتاه غداً من الوقوف بين يديك إذا قيل للمخفّين جوزوا وللمثقلين حُطّوا أفَمع المخفِّين أجوز أم مع المثقلين أحُطّ ويلي كلما كبُر سني كثرت ذنوبي كلما طال عمري كثرت معاصيَّ فكم أتوب وكم أعود أما آن لي أن أستحي من ربي"
إنها فرصة عظيمة وما تزال في متناولنا، فمن لم يصم فباستطاعته أن يتدارك ما بقي في هذا الشهر وليثق بأن الله تعالى لا يردُّه ولا يخيّب أمله.
من كان تاركاً للصلاة فليبدأ الآن الصلاة تائباً إلى الله عزَّ وجلّ، ومن كان مقيماً على الغيبة، أو قطيعة الرحم، أوعقوق الوالدين، فليتدارك.
إننا أمام فرصة عظيمة للتوبة إلى الله عزَّ وجلّ.
أللهم انقلنا إلى درجة التوبة إليك، وأعنا بالبكاء على أنفسنا.
* رصيد الآخرة
أيها الأعزاء، ينبغي أن ندرك أهمية الثواب، ونغتنم ما بقي من شهر الله تعالى لنرفع من رصيدنا من الثواب إلى أعلى الدرجات.
بدءًا من سكرات الموت، وفي عالم البرزخ وفي الآخرة عموماً، سنجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام الحاجة إلى الثواب، وأغنى الأغنياء في الدنيا، لا تنفعه الميليارات، فهي عملة غير رائجة هناك ولا تصلح للتداول، والعملة التي تصلح للتداول، وما ينجو به الإنسان هو رصيده من الثواب. يوم لاينفع مالٌ ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم.
ياقلب:
كيف يجب علي أن أتعاطى مع هذه الفرصة الإلهية المتبقية من شهر رمضان المبارك؟ هل يصح أن أتعاطى معها بالإهمال الذي طبع عملي طيلة ما مضى من شهر الله عزَّ وجلّ، حيث بسط لي ربي موائد الرحمة لأحصل على عظيم الثواب بأرخص الأثمان، وها أنا أكاد أغادر الموسم الفريد دون حصيلة تذكر.
أراد ربي تقدست أسماؤه أن ينقضي عني شهر رمضان وأنا من أغنى الأغنياء ثواباً، وها أنا لا أكاد ألوي على شيء!!
بهذه الروحية ينبغي أن نستقبل ما بقي من شهر رمضان المبارك ولياليه، وما تزال أمامنا فرصة يمكننا فيها التعويض والتدارك.
* كيف نتدارك ؟
لنحاول استعادة إحساسنا من خلال تذكر مشاعرنا عند دخول شهر الله تعالى حيث يكثر الحديث عادةً عن خطبة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم فيصبح المؤمن يصغي باهتمام ليعرف أهم الأعمال ليكثر منها، إلا أن تعاقب الأيام والليالي يضعف هذا الإهتمام، وربما نتعامل مع الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك خصوصاً مع ما بعد ليالي القدر باللامبالاة وعدم الإكتراث.
لذلك أُذكِّر هنا نفسي وإخواني وأخواتي ببعض ما تقدم في بداية الشهر المبارك.
لنضع خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أمامنا ونحاول أن نطبّق ولو بعض ما أمرنا بالإهتمام به. لنحاول أن نصوم يوماً واحداً صوماً حقيقياً فإن في ذلك خيراً كثيراً، ولنحاول أن نلتزم قدر الإستطاعة بالصلاة أول وقتها، ولنلغ كل ما يمكن إلغاؤه ونؤجل كل مايمكن تأجيله لنعزز الوقت الذي يمكن أن نمضيه بالطاعة والعبادة، ولنخصص أكثر وقتنا المتاح لقراءة القرآن الكريم، والإستغفار، والصلاة على النبي وآله وطول السجود.
ألم يتقدم معنا أن آية واحدة تُقرأ في شهر الله تعالى يُعطى قارؤها ثواب من ختم القرآن الكريم؟
إذا كنت لم أقرأ من كتاب ربي أو قرأت قليلاً فلماذا لا أحرص الآن أن أعوّض؟
ترى كم استغفرت الله تعالى؟
ألم يتقدم معنا أيها الناس أن نفوسكم مرهونة بأعمالكم ففكّوها باستغفاركم.
أمامي إذاً فرصة قصيرة يمكنني أثناءها أن أفكَّ نفسي من الرهن، فلماذا لا أُكثِر من الإستغفار؟
ولماذا لا أُكثِر من الصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله ؟
ألم يقل لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وهو الصادق الأمين إنها تُثَقِّل الموازين يوم تخفُّ الموازين؟!
لنجرِّب طول السجود في هدي الحنان النبوي: وظهوركم ثقيلة من أوزاركم فخفِّفوا عنها بطول سجودكم.
ولنجرِّب حُسن الخُلُق، ومن لا يستطيع منا أن يكون حسن الخلق في كل الفترة الباقية من شهر رمضان المبارك، فليجرِّب أن يحسِّن خُلُقه ولو بعض المرات، ومن حُسن الخُلُق توقير الكبار ورحمة الصغار، فلنحرص على أن لا ينقضي عنا شهر رمضان دون أن نكرم يتيماً ونهتم بصلة الرحم في هذا الشهر الكريم، فلعل إحدى هذه المفردات تشكل منعطفاً مصيرياً، وما ذلك على الله تعالى بعزيز.
علينا إذاً أيها العزيز أن نشحن أوقاتنا في هذه الفترة المتبقية بالعمل الصالح.
أللهم وفِّقنا لذلك برحمتك يا أرحم الراحمين.
* دعاء اليوم الخامس والعشرين
أللهم اجعلني فيه محباً لأوليائك ومعادياً لأعدائك مستنَّاً بسنَّة خاتم أنبيائك يا عاصم قلوب النبيين.
يريد الدعاء لكل منا أن يدعو القلب: أللهم ارزقني حبك وحب من يحبك، إجعلني يا إلهي بشراً سوياً، خلّصني من انفصام قلبي بين وهم حبك وحب أعدائك ليوافق قولي فعلي وظاهري بواطني وتتعلق همَّتي بما عندك ورغبتي فيما يرضيك فأقول صادقاً: عليك يا واحدي عكفت همتي وفيما عندك انبسطت رغبتي وبك أنست محبتي.
سيدي ولا سبيل إلى ذلك إلا بحب أوليائك ومعاداة أعدائك والإستنان بسنّة خلقك وخاتم أنبيائك، فوفقني واعصم قلبي يا عاصم قلوب النبيين.
*صلاة الليلة السادسة والعشرين
1- حصة هذه الليلة من الألف ركعة، وهي ثلاثون ركعة، ثمان منها تُصلى بعد صلاة المغرب واثنتان وعشرون بعد صلاة العشاء، في كل ركعة نقرأ الحمد مرة وقل هو الله أحد بالترتيب المتقدم.
2- عن رسول الله صلى الله عليه وآله:
ومن صلى ليلة ست وعشرين منه ثماني ركعات فتحت له سبع سماوات،واستجيب له الدعاء، مع ماله عند الله من المزيد.[2]
3- قال الكفعمي: "ويستحب أن يصلي في كل ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد".." والتوحيد ثلاثا، فإذا سلَّم قال: سبحان من هو حفيظ لايغفل، سبحان من هو رحيم لايعجل، سبحان من هو قائم لايسهو، سبحان من هو دائم لايلهو. ثم يقول التسبيحات الأربع سبعاً، ثم يقول: سبحانك سبحانك ياعظيم. إغفر لي الذنب العظيم. ثم تصلي على النبي عشراً. من صلاها غفر الله له سبعين ألف ذنب.[3]".
أسأل الله عزَّ وجلّ أن يوفقنا لمراضيه بالنبي وآله صلوات الله وسلامه عليه وعليهم. والحمد لله رب العالمين.
via منتديات اميرات العراق :: PRINCESSESIRAQFORUM :: http://www.lluull.net/vb/showthread.php?t=86881&goto=newpost